قال الزمخشري في كشافه : كانت اليهود تزعم أنّ آباءهم الأنبياء يشفعون لهم فأيسوا (١).
وقال الطبرسي : قال المفسّرون حكم هذه الآية ـ يريد الآية الثامنة والأربعين ـ مختص باليهود ، لأنّهم قالوا نحن أولاد الأنبياء ، وآباؤنا يشفعون لنا فأَيْأَسهم الله عن ذلك ، فخرج الكلام مخرج العموم ، والمراد به الخصوص ، ويدل على ذلك ، أنّ الأمّة اجتمعت على أنّ للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم شفاعة مقبولة وان اختلفوا في كيفيتها (٢).
وقال في المنار : إنّ ذلك اليوم ، يوم تنقطع فيه الأسباب ، وتبطل منفعة الأنساب ، وتتحول فيه سنة هذه الحياة من انطلاق الإنسان في اختياره ، يدفع عن نفسه بالعدل والفداء ويستعين على المدافعة بالشفاعة عند الأمراء ، وقد يوجد له فيها أنصار ينصرونه بالحق والباطل على سواء.
كان اليهود المخاطبون ببيان هذه الحقيقة كغيرهم من أُمم الجاهلية يقيسون أُمور الآخرة على أُمور الدنيا فيتوهمون أنّه يمكن تخلص المجرمين من العقاب بفداء يدفع بدلاً ، أو بشفاعة من بعض المقربين إلى الحاكم يغير بها رأيه ويفسخ إرادته (٣).
وهذه الكلمات من أعلام التفسير تكشف القناع عن هدف الآية ومرماها وأنّها لا تهدف إلاّ إلى نفي الشفاعة المزعومة لدى اليهود من قدرة العاصي لبعث الشفيع إلى المشفوع عنده على كل تقدير وشرط ، مع أنّ الشفاعة الواردة في القرآن تنص على عكس ذلك في كلتا المرحلتين : مرحلة البعث ، ومرحلة الشرط ، فلا تتحقق إلاّ ببعث المشفوع عنده ، الشفيع إلى الشفاعة لا ببعث المشفوع له كما يظهر
__________________
(١) الكشاف : ١ / ٢١٥.
(٢) مجمع البيان : ١ / ١٠٣.
(٣) تفسير المنار : ١ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦.