بقوله : ( قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللهِ عَهْداً ) (١).
كما يرد عليهم في آية أُخرى بقوله : ( تِلْكَ ( أي عدم دخول الجنة إلاّ من كان هوداً أو نصارى ) أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (٢).
فهؤلاء كانوا يعتقدون بأنّ أنبياءهم وأسلافهم سوف يشفعون لهم وينجونهم من العذاب سواء أكانوا عاملين بشريعتهم أم عاصين ، وأنّ مجرد الانتماء والانتساب سوف يكفيهم في ذلك المجال.
كانت هذه عقيدتهم في باب الشفاعة ، وفي هذا المجال وردت آيات تندد بعقيدتهم وترفض وتفند ما يذهبون إليه قائلة : ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العَالَمِينَ * وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ ) (٣).
وأنت ترى أن وحدة السياق تقضي بأنّ المراد من نفي قبول الشفاعة هو الشفاعة الخاطئة التي كانت تعتقدها اليهود في ذلك الزمان من دون أن يشترطوا في الشفيع والمشفوع له شرطاً أو أمراً ، ونظير ذلك قوله سبحانه حيث يقول بعد قوله : ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ ) ، ( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ ) (٤).
ولأجل ذلك لا يمكن أن يُتمسَّك بهاتين الآيتين لنفي أصل الشفاعة في يوم القيامة.
__________________
(١) البقرة : ٨٠.
(٢) البقرة : ١١١ ـ ١١٢.
(٣) البقرة : ٤٧ ـ ٤٨.
(٤) البقرة : ١٢٢ ـ ١٢٣.