ومعناه حفظ الدماء التي كانت عرضة لأن تسفك بسبب الخلاف في قاتل تلك النفس (١).
وأنت ترى أنّ هذا التفسير لا ينطبق على قوله : ( فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ) أي اضربوا النفس المقتولة ببعض جسم البقرة ( كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللهُ المَوْتَىٰ ) فهل كان في غسل الأيدي على البقرة المكسورة العنق ، ضرب المقتول ببعض البقرة ؟! هذا أوّلاً.
وأمّا ثانياً : كيف استند الأستاذ ـ في تفسير الآية الحاضرة ـ بما ورد في التوراة ، مع أنّ المشهود منه أنّه يستوحش كثيراً من بعض الروايات التي ربما توافق ما ورد في الكتب المقدسة ، ويصفها بالإسرائيليات والمسيحيات ، ومع ذلك عدل عن مسلكه واستند في تفسير الذكر الحكيم بالكلم المحرف.
وليس هذا التفسير ـ في حقيقته ـ إلاّ لأجل ما اتخذه الأستاذ من موقف مسبق تجاه المعاجز والكرامات ، وخوارق العادة ، وغير ذلك مما يرجع إلى عالم الغيب.
النموذج الرابع
قال الله سبحانه : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ المَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ) (٢).
ذهب الجمهور إلى أنّهم قوم من بني إسرائيل فرّوا من الطاعون أو من الجهاد ، فأرسل عليهم الموت ، فلمّا رأوا أنّ الموت كثر فيهم خرجوا من ديارهم
__________________
(١) تفسير المنار : ١ / ٣٤٥ ـ ٣٥٠.
(٢) البقرة : ٢٤٣.