هُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ ) (١).
والاستدلال بالآية على الشفاعة يحتاج إلى الدقة في مفرداتها.
فقد ورد في الآية لفظة الإغناء والنصر ، والمراد من الأوّل هو أنّ يتكفل الغير أمر الإنسان بكامله ، كما أنّ المراد من النصر هو أن يتكفل بعض الأمور ويكون اكتماله بسبب الإنسان نفسه.
فقد نرى أنّ القرآن ينفي أن يقدر إنسان على إغناء إنسان آخر يوم القيامة بأن يرفع عن كاهله كل مسؤولياته ، ويكون هو المسؤول عن عمل غيره ، وهذا ما عبر عنه القرآن في الآيات الأخرى بقوله : ( وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ ) (٢).
كما أنّ القرآن ينفي نصر إنسان لإنسان آخر يوم القيامة ، ولكنّه يستثني من الثاني حالة واحدة معبراً عنها بقوله : ( إِلا مَن رَحِمَ اللهُ ) (٣) أي الذين رحمهم الله من المؤمنين.
ومن مصاديق هذا الاستثناء هو الشفاعة ، لأنّ الشفاعة لا تحصل إلاّ بأمر الله تعالى وإذنه ، فعندئذ يسقط عقاب المشفوع له لشفاعته (٤).
قال العلاّمة الطباطبائي : إنّ الإغناء يكون فيما استقل المغني في عمله ، ولا يكون لمن يغني عنه صنع في ذلك ، والنصرة إنّما تكون فيما كان للمنصور بعض أسباب الظفر الناقصة ، ويتم له ذلك بنصرة الناصر.
والوجه في انتفاء الإغناء والنصر يومئذ انّ الأسباب المؤثرة في نشأة الحياة الدنيا تسقط يوم القيامة قال تعالى : ( وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ ) (٥) وقال :
__________________
(١) الدخان : ٤١ ـ ٤٢.
(٢) البقرة : ٤٨.
(٣) الدخان : ٤٢.
(٤) لاحظ مجمع البيان : ٥ / ٦٨.
(٥) البقرة : ١٦٦.