بقوله : ( فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ ) (١).
ونرى في آية ثالثة يعد الذين يجتنبون الكبائر بالرحمة والمغفرة ويقول : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ ) (٢). وهذه الآيات توضح مفاد ما ورد في الأدعية الإسلامية من قوله عليهالسلام : « يا من سبقت رحمته غضبه ».
كيف ونحن نرى أنّ الله سبحانه يعد القانط من رحمة الله والآيس من روحه كافراً وضالاً ويقول : ( وَلا تَيْأَسُوا مِن رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِن رَوْحِ اللهِ إِلا القَوْمُ الكَافِرُونَ ) (٣) ويقول أيضاً : ( وَمَن يَقْنَطُ مِن رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ ) (٤) ويقول سبحانه : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (٥).
فإذا عرفنا القرآن بأنّ الله سبحانه ذو رحمة واسعة تفيض على كل شيء ، فعند ذلك لا مانع من أن تفيض رحمته وغفرانه عن طريق أنبيائه ورسله وأوليائه فيقبل أدعيتهم ، وطلباتهم في حق عباده بدافع انّه سبحانه ذو رحمة واسعة ، كما لا مانع أن يعتقد العصاة في شرائط خاصة بغفرانه سبحانه من طرق كثيرة لأجل أنّه عد القانط ضالاً والآيس كافراً.
وعلى الجملة فكما يجب على المربي الديني أن يذكّر عباد الله بعقوبته وعذابه وما أعدّ للعصاة والكفار من سلاسل ونيران ، يجب عليه أيضاً أن يذكّرهم برحمته الواسعة ومغفرته العامة التي تشمل كل شيء إلاّ من بلغ من الخبث والرداءة درجة
__________________
(١) الأنعام : ١٤٧.
(٢) النجم : ٣٢.
(٣) يوسف : ٨٧.
(٤) الحجر : ٥٦.
(٥) الزمر : ٥٣.