أمّا الأوّل ، فيستلزم أن يكون الحاكم جائراً غير عادل.
أمّا الثاني ، فهو يستلزم أن يكون الحاكم جاهلاً بحقيقة حكمه.
أمّا الثالث ، فيستلزم أن يكون الحاكم ناقضاً للحكم المبني على العدل لأجل شفاعة الشفيع ، والكل ممتنع في حقه سبحانه.
الجواب
لو أنّ الأستاذ قد أمعن في حقيقة الشفاعة التي نطق بها القرآن الكريم وفسرتها الأحاديث الإسلامية ، لما جعل أمر قبول الشفاعة مردّداً بين أحد أُمور ثلاثة ممتنعة في حقه سبحانه ، فإنّ الشفاعة لا ترتبط بأحد هذه الأمور ، بل هي من واد آخر نشير إليه بتقديم مقدمة وهي :
إنّ الحكم يتبع موضوعه ، فكل موضوع له حكم خاص فمادام الموضوع باقياً على وضعه الأوّل لا ينفك عنه الحكم ، فإذا تبدّل إلى موضوع آخر يتبدّل حكمه إلى حكم آخر ، أو يصير ذا حكم جديد غير ما حكم به على الموضوع الأوّل ، مثلاً المائع ما دام كونه خمراً فهو رجس يجب الاجتناب عنه ، فإذا تبدّل إلى الخل يتبدّل حكمه ، أثر تبدّل موضوعه ، فيكون محكوماً بالطهارة ، ولا يعد الحكم الثاني ناقضاً للحكم الأوّل ، ولا يوجب اختلاف الحكم اختلافاً وتبدّلاً في علم الحاكم بل للحاكم من أوّل الأمر علمان ، وحكمان ، كل مرتبط بموضوعه ، فقد كان الحاكم عالماً وحاكماً بأنّ الخمر نجس حرام ، وانّ الخل طاهر حلال ، وما حصل من التغيير فإنّما هو تغيير في المعلوم والموضوع لا في العلم.
ونظير ذلك العاصي والتائب فإنّ العصيان حالة نفسية في الإنسان ، فله حكمه الخاص من العقاب لأجل طغيانه وعدوانه ، كما أنّ التوبة حالة نفسانية مغايرة للحالة الأولى فلها حكمها الخاص ، فالإنسان العاصي محكوم بحكم كما