الرسالة قوله : « وإن لم أدركك فاشفع لي يوم القيامة ولا تنسني » (١). ولما وصلت الرسالة إلى يد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « مرحباً بتبّع الأخ الصالح » فإنّ توصيف طالب الشفاعة من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالأخ الصالح ، أوضح دليل على أنّه أمر لا يصادم أُصول التوحيد.
وروي أنّ أعرابياً قال للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : جهدت الأنفس ، وجاع العيال ، وهلك المال ، فادع الله لنا ، فإنّا نستشفع بالله عليك ، وبك على الله ، فسبح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه وقال : « ويحك أنّ الله لا يستشفع به على أحد من خلقه ، شأن الله أعظم من ذلك » (٢). وأنت إذا تدبرت في الرواية ترى أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلمأقرّه على شيء وأنكر عليه شيئاً آخر ، أقرّه على قوله : إنّا نستشفع بك على الله ، وأنكر عليه : نستشفع بالله عليك ، لأنّ الشافع يسأل المشفوع إليه ، والعبد يسأل ربه ، ويستشفع إليه ، والرب تعالى لا يسأل العبد ، ولا يستشفع به.
وروى المفيد عن ابن عباس أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام لما غسّل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وكفّنه ، كشف عن وجهه وقال : « بأبي أنت وأُمي طبت حياً وطبت ميتاً ... اذكرنا عند ربك » (٣).
وروي أنّه لما توفي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أقبل أبو بكر فكشف عن وجهه ، ثم أكبّ عليه فقبّله ، وقال : بأبي أنت وأُمي طبت حياً وميتاً ، اذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن من بالك (٤).
وهذا استشفاع من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في دار الدنيا بعد موته.
__________________
(١) مناقب ابن شهر آشوب : ١ / ١٢ ، السيرة الحلبية : ٢ / ٨٨.
(٢) كشف الارتياب : ٢٦٤ ، نقلاً عن زيارة القبور : ١٠٠.
(٣) مجالس المفيد : ١٠٣ ، المجلس الثاني عشر.
(٤) كشف الارتياب : ٢٦٥ نقلاً عن خلاصة الكلام.