عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ) (١). ترى أنّه سبحانه يستنكر دعاءهم بقوله : ( لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ ) وقوله : ( عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ) مذكّر بأنّ عقيدتهم في حق هؤلاء عقيدة كاذبة وباطلة ، فإنّ الأصنام لا تستطيع نصر أحد ، وهذا يكشف عن أنّ الداعين كانوا من جانب النقيض من تلك العقيدة ، وكانوا يعتقدون بتملّك الأصنام لنصرهم وقضاء حوائجهم من عند أنفسهم.
وثالثاً : أنّ الدعاء ليس مرادفاً للعبادة وما ورد في الآية والحديث من تفسير الدعاء بالعبادة في ذيلهما لا يدل على ما يرتئيه المستدل ، فإنّ المراد من الدعاء فيهما قسم خاص منه ، وهو الدعاء المقترن باعتقاد الإلوهية في المدعو والربوبية في المطلوب منه كما عرفت.
٤. الشفاعة حق مختص بالله سبحانه لا يملكه غيره وعلى ذلك فطلبها من غير مالكها أمر غير صحيح ، قال سبحانه : ( أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ * قُل للهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً ) (٢).
والجواب : انّ المراد من قوله سبحانه : ( قُل للهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً ) ليس انّه سبحانه هو الشفيع دون غيره ، إذ من الواضح انّه سبحانه لا يشفع عند غيره ، بل المراد انّ المالك لمقام الشفاعة هو سبحانه وانّه لا يشفع أحد في حق أحد إلاّ بإذنه للشفيع وارتضائه للمشفوع له ، ولكن هذا المقام ثابت لله سبحانه بالأصالة والاستقلال ولغيره بالاكتساب والإجازة ، قال سبحانه : ( وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلا مَن شَهِدَ بِالحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (٣) فالآية صريحة في أنّ من شهد بالحق يملك الشفاعة ولكن تمليكاً منه سبحانه وفي طول ملكه. وعلى ذلك
__________________
(١) الأعراف : ١٩٤.
(٢) الزمر : ٤٣ ـ ٤٤.
(٣) الزخرف : ٨٦.