الحياة ، أو بدون الاطّلاع على ما تجري بينهم من الأمور من الكفر والإيمان والطاعة والعصيان ؟!
ولا يصح لك أن تفسر شهادة النبي بشهادته على معاصريه ومن زامنوه ، وذلك لأنّه سبحانه عدّ النبي شاهداً في عداد كونه مبشراً ونذيراً ، وهل يتصوّر أحد أن يختص الوصفان الأخيران بمن كان يعاصره النبي ؟! كلا لا ، فإذن لا وجه لتخصيص كونه شاهداً بالأمّة المعاصرة للنبي.
فعند ذلك يكون طلب الشفاعة من النبي الأكرم الذي هو حي بنص القرآن أمراً صحيحاً معقولاً ، وأنت إذا لاحظت الآيات القرآنية تقف على أنّها تصرح بامتداد حياة الإنسان إلى ما بعد موته ، يقول سبحانه في حق الكافرين : ( حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) (١). فهذه الآية تصرح بامتداد الحياة الإنسانية إلى عالم البرزخ ، وانّ هذا وعاء للإنسان يعذّب فيها من يعذّب وينعّم فيها من ينعّم ، أما التنعّم فقد عرفت التصريح به في الآية الواردة في حق الشهداء ، وأمّا العقوبة فيقول سبحانه : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ ) (٢).
وهناك آيات أُخر تدل على امتداد الحياة إلى ما بعد الموت نرجئ نقلها إلى مكانها الخاص بل هناك آيات تدل بصراحة على ارتباطهم بنا ، وارتباط بعضنا من ذوي النفوس القوية بهم.
وأمّا الأحاديث الواردة في هذا المورد فحدث عنها ولا حرج ، وقد روى المحدّثون قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ما من أحد يسلّم عليّ إلاّ رد الله روحي حتى أرد عليه
__________________
(١) المؤمنون : ٩٩ ـ ١٠٠.
(٢) غافر : ٤٦.