ويشاهده ويكلّمه مشافهة أو يلقى في روعه تسمّى رسالة ، والإنسان الحامل لها رسولاً وباعتبار إنّ مثل هذا الإنسان يتلقّى رسالة الله بواسطة رسل السماء ، حيث أدّوا إليه رسالة ربهم ، يسمّى رسولاً ، أي ذا رسالة.
وأمّا ما يفاض من العلوم بغير هذا الطريق فيسمّى نبوة ، والإنسان العالم عن هذا الطريق نبياً ، سواء كان بالإلهام مثل ما أوحى الله إلى نبينا ليلة المعراج وما أوحي إلى موسى في طور سيناء ، أو بسماع صوت بلا رؤية شخص أو غير ذلك.
وعلى ذلك فالنبوة والرسالة مرتبتان للنفس في أخذ المعارف والحقائق من العلوم العلوية ، إحداهما مشروطة بحضور الملك ومعاينته ومشافهته للرسول ، والأخرى مقيدة بأخذها من دون توسيط ملك بل بطرق أُخرى.
وهذا الوجه هو مختار بعض الأجلّة (١) ولم أجد هذا الفرق برمته في كلام من تقدم عليه ، وما أُثر من النقول في المقام يوافقه في بعض ما ذكره لا كله ، بل بعضها يشير إلى خامس الفروق الذي سيوافيك بيانه ، وحاصله تخصيص النبوة بالرؤية في المنام.
ودونك بعض كلماتهم :
١. انّ الرسول هو الذي يرى الملك ويسمع منه ، والنبي يرى في المنام ولا يعاين (٢).
وهذه العبارة توافق المذكور في ناحية الرسول فقط ، لا في جانب النبي ولا صراحة لها في ما ادّعاه القائل من التعميم في النبي ، أعني : من يأخذ الوحي بغير توسيط ملك سواء أكان بالرؤية في المنام أم بغيرها ، بل هي تحتمل هذا الوجه من
__________________
(١) العلاّمة الشيخ محمد باقر الملكي دام ظله.
(٢) الميزان : ١٥ / ٢٢٢.