قول القائل : « والرسول هو الرسول الحامل لرسالة خاصة » (١).
وهذا الفرق لا يخلو من خفاء أيضاً فإنّ جعل الرسول من له رسالة خاصة تستتبع مخالفة العذاب لم يدل عليه دليل وما استدل به من قوله سبحانه : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً ) لا يدل على أنّ ما رآه داخل في حقيقة الرسالة ، وإنّها محددة به ، والدليل على ذلك إنّه لو قال مكانه : « حتى نبعث نبياً » لكان صحيحاً أيضاً ، لتمامية الحجة ، ببعث النبي والرسول كليهما ، كما في قوله سبحانه : ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ) (٢) فلولا إتمام الحجة ببعث النبي لما صح توصيفهم بعد البعث ، بكونهم مبشرين ومنذرين.
وعلى أي حال فقد اضطرب رأيه في إبداء الفرق بين اللفظين فاختار في المقام ما نقلناه عنه ، وقال في موضع آخر انّ النبي هو الذي يرى في المنام ما يوحى به إليه ، والرسول هو الذي يشاهد الملك فيكلّمه (٣).
وقد دفعه إلى اختيار ثاني النظرين وروده في الروايات ويظهر منه في موضع ثالث (٤) ما هو المختار عندنا ، وسوف يوافيك بيانه.
__________________
(١) الميزان : ٢ / ١٤٥ و ٣ / ٢١٦ حيث قال : إنّ النبوة هي منصب البعث والتبليغ ، والرسالة هي السفارة الخاصة التي تستتبع الحكم والقضاء بالحق بين الناس ، أمّا بالبقاء والنعمة أو بالهلاك ، وسيوافيك امكان إرجاع كلامه هذا إلى ما هو المعتمد عندنا ، أعني : سابع الوجوه ، مع تصريحه به في : ١٦ / ٣٤٥ من ميزانه.
(٢) البقرة : ٢١٣.
(٣) الميزان : ١٣ / ٢٢١ و ١٤ / ٤٢٩.
(٤) الميزان : ١ / ٢٧٤ حيث قال : النبوة معناها تحمل النبأ من جانب الله والرسالة معناها تحمل التبليغ والمطاعية والإطاعة ، ونظيره ما أفاده في ١٦ / ٣٤٥ فقد عدّ التبليغ من شؤون الرسالة ، مع أنّه عدّه في الجزء الثالث ص ٢١٦ من شؤون النبوة ، والعصمة لله سبحانه ولمن اصطفاه من عباده.