فتصير الرسالة عندئذ منتفية بانتفاء موضوعها.
فإذا كان محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم خاتماً للنبيّين ، أي مختوماً به الوحي والاتصال فهو خاتم الرسل والمرسلين (١) طبعاً ، لأنّ رسالة الإنسان من جانب الله سبحانه ، عبارة عنبيان وإبلاغ ما أخذه منه عن طريق الوحي ، فلا تستقيم رسالة أي إنسان منجانبه سبحانه ، إذا انقطع الوحي والاتصال به تعالى ، ولا يقدر أن يتقول أي ابن أُنثى بالرسالة من ناحيته عز وجل ، إذا كانت النبوة موصدة باعترافه.
وبذلك يعلم أنّ كلا اللفظين ( « خاتم النبيين » و « خاتم الرسل ) » وإن كانا مفيدين لمعنى واحد ، إلاّ أنّ اختيار الأوّل على الثاني لأجل أنّ النبوة أساس للرسالة من جانب الله ، حيث إنّه يجب أن يعتمد الرسول في إبلاغه وإنذاره وإرشاده ، على الوحي والاتصال بالله سبحانه ، ولا يفيده إلاّ لفظ النبي دون غيره ، فإذا أصحر المتكلم بإنهاء الوحي وانقطاعه من السماء إلى الأرض إلى يوم القيامة وقال « إنّه خاتم النبيين » أي انّه آخر من يوحى إليه ، وانّه لن يوحى من بعده إلى أحد يلزم منه ختم باب الرسالة الخاصة بطريق أولى ، ويكون من باب إفادة المقصد ببيّنة وبرهان ، كما لا يخفى (٢) وأمّا ختم الرسالات الأُخر ، كرسالة الملك من الله سبحانه فلا صلة له بالبحث ، سواء أكان بابها مفتوحاً أو موصداً ، وأمّا الرسالة من جانب النبي والرسول ، فلا نبي بعده ، حتى يكون لهذا النبي ، رسول وأمّا الرسالة من
__________________
(١) المراد ، القسم الخاص من الرسالة ، لا الرسالة من جانب النبي ولا من جانب الشخص العادي.
(٢) قال العلاّمة الطباطبائي ـ دام ظلّه ـ بعد ما اختار في معنى الرسالة والنبوة ما أوضحنا ، وأقمنا برهانه ـ ما هذا لفظه : ولازم ذلك أن ترتفع الرسالة بارتفاع النبوة ، فإنّ الرسالة من أنباء الغيب فإذا انقطعت الأنباء ، انقطعت الرسالة. الميزان : ١٦ / ٣٤٦.