وأمّا القسم الثاني فهو وان كان يخص النبوة بتجلّي الرب له ، إلاّ أنّ ذلك من باب إطلاق الكلي على الفرد الكامل ، كما في قوله سبحانه : ( ذَٰلِكَ الكِتَابُ ).
وأمّا القسم السادس فلم يثبت عندنا بسند صحيح يؤخذ به.
بقي القسم الثالث والرابع والخامس : وقد أرجعناها إلى أمر واحد وهو « انّ النبي من يوحى إليه في المنام ، وربما يسمع بلا معاينة ، وربّما عاين بلا تكلم ، وأمّا الرسول فهو حائز لعامة المراتب ، يوحى إليه في المنام ويسمع الصوت بلا معانية ، وربّما يراه ويسمع صوته ، فالرسول هو النبي الذي استكملت نفسه حتى استعد لمشاهدة رسول ربه (١).
فيجب عند ذلك ملاحظة هذا القسم من الروايات :
فنقول : إنّ تلك المأثورات الواردة في الأقسام الثلاثة تهدف إلى أمر واحد ، وهو انّ النبي أعم من الرسول ، ولا يشترط فيه إلاّ أقل مراتب الاتصال بالله ، بخلاف الرسول ، فهو النبي الذي وصل إلى مكانة مرموقة يقدر معها على معاينة الملك ووعي الوحي عنه. ويترتب على ذلك أُمور :
١. النبي أعم من الرسول ، وهو أخص منه.
٢. الرسول أشرف من النبي.
٣. ختم النبوة يستدعي ختم الرسالة ، فانّ الاختلاف بين المنصبين حسب تنصيص الروايات من قبيل اختلاف درجات حقيقة واحدة ، فلا ينال بالدرجة الكاملة ، إلاّ إذا نيل بالناقصة منها ، كما هو الحال في الدرجات العلمية ، كشهادة الدكتوراه والليسانس.
فلو أوصد باب الكلية بوجوه المتخرجين من الثانوية ، فلا يعقل أن يكون
__________________
(١) كما هو ظاهر الحديث الأوّل من القسم الرابع.