منزلتهما منه ، كما بشر الله آدم ونوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى بالنبي الخاتم ، وعرّفهم جلالة قدره وعظم شأنه.
وعلى كل تقدير سواء أكان تفسير الآية بعلي وفاطمة وابنيهما مقارناً مع نزول الآية أم بعده ، فقد روى المحدّثون عن ابن عباس أنّه لما نزلت هذه الآية قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ فقال : « علي وفاطمة وابناهما » (١).
وخلاصة القول : إنّ ما يعيّن مكيّة الآيات ومدنيتها هي الأحاديث الإسلامية ، فالأحاديث التي تقول بأنّ سورة الشورى مكية هي التي تقول بأنّ آية ( قُل لا أَسْأَلُكُمْ ) بل بضع آيات وردت فيها ، نزلت في المدينة ، ومخالفة هذه الأحاديث ليس سوى نوع اجتهاد في مقابل النص بل النصوص.
وعلى تسليم كونها مكية برمتها لا يضير عدم وجود بعض أفرادها حين النزول في مكة إذ أنّ من الجائز أن يشرِّع مقنن قانوناً يحترم طائفة من الناس يوجد بعض أفرادها حين التشريع ، وهذا هو الاسلوب الذي يتبعه القرآن في كثير من تشريعاته حيث يقول : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَىٰ ) (٢). فلفظ الغنيمة يشمل كل ما تغلب عليه المسلمون في الأجيال كلها ، كما أنّ لفظ ( وَلِذِي القُرْبَىٰ ) يشمل أقرباء النبي سواء أكانوا موجودين زمن نزول الآية أم لا.
__________________
(١) الذخائر : ٢٥ ، والكشاف : ٢ / ٣٣٩ ، مطالب السؤول : ٨ ، مفاتيح الغيب : ٧ / ٦٦٥ ، مجمع الزوائد : ٩ / ١٦٨ ، الفصول المهمة : ١٢ ، الكفاية للكنجي : ٣١ ، شرح المواهب : ٧ / ٣ و ٢١ ، والصواعق : ١٠١ و ١٣٥ عند البحث في المقام السادس ، نور الأبصار : ١١٢ ، الاسعاف : ١٠٥ وستوافيك نصوصهم.
(٢) الأنفال : ٤١.