ومن هنا يبدو أنّ البغض والحب ليسا كما يتوهم أمرين غير اختياريين وغير خاضعين للإرادة الانسانية ، بل هما حالتان اختياريتان تتحققان بالتدبر واعمال النظر في مقدماتهما.
يقول الإمام الصادق عليهالسلام : « من أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله » (١). أي تحب المؤمن لإيمانه بالله ، وتبغض الكافر لكفره بالله.
ويقول الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام في عهده إلى مالك الأشتر النخعي : « واشعر قلبك الرحمة والمحبة لهم واللطف بهم » (٢).
ولو أُتيح لك أن تطّلع بالتفصيل على النصوص الواردة في مجال الحب والبغض ، لرأيت كيف أنّ الرسول والأئمّة عليهمالسلام أوصوا بمحبة جماعة معينة ، ونهوا عن مودة آخرين ، فها هو الرسول يقول : « عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب عليهالسلام » (٣). والهدف النهائي من هذه الكلمة هو الدعوة إلى موالاة علي وعقد القلب على محبته.
ويقول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضاً : « من سرَّه أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال علياً من بعدي ، وليوال وليّه ، وليقتد بالأئمّة من بعدي ، فانّهم عترتي خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهماً وعلماً » (٤).
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم في حق علي أيضاً : « ومن أحبني فليحبه ، ومن أحبني وأحب هذين وأباهما وأُمهما كان معي في درجتي يوم القيامة » (٥).
__________________
(١) سفينة البحار : ١ / ١٢.
(٢) نهج البلاغة : قسم الكتب برقم ٥٣.
(٣) تاريخ بغداد : ٤ / ٤١٠.
(٤) حلية الأولياء : ١ / ٨٦.
(٥) مسند أحمد : ٥ / ٣٦٦ ، وصحيح مسلم كتاب الفتن : ١١٩ ، وصحيح الترمذي كتاب المناقب : ٢٠.