وقصارى الكلام هو أن نخصّص إطلاق الآية بما دلَّ على المجانبة من الكفار والمشركين ، وإن كانوا من أُولي القربى.
وهذا الإشكال ضئيل غاية الضآلة ، فكأن صاحبه جهل أو تجاهل أنَّ القرآن يصدّق بعضه بعضاً ، وينطق بعضه ببعض ، ويشهد بعضه على بعض ، فالقرآن هو الذي يقول في حق ولد نوح : ( إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) (١). فعندئذ لا يتبادر من الآية سوى محبة المؤمنين والمخلصين من أقرباء النبي دون الكفار والمشركين.
على أنّ الآية كما أسلفناه نزلت في المدينة ولم يكن يومذاك حول النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم غير ذوي القربى المؤمنين ، وقد أجاب دعوته كل من بقي من بني هاشم ممن لم يؤمن به قبل ، فإذا كان نزول الآية في عام الفتح وبعده فلم يكن في أرض المدينة ومكة من أقرباء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كافر أو منافق.
وبذلك يعلم أنّ ما ذكره روزبهان (٢) من أنّ ظاهر الآية شامل لجميع أقرباء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ضعيف جداً ، وعلى فرض الصحة فالحديث الصحيح خصّصها بعدّة خاصّة كما ذكرنا صورة الحديث فيما مر.
وأظن أنّ هذا الإشكال لم يكن يحتاج إلى هذا التفصيل لظهور بطلانه.
__________________
(١) هود : ٤٦.
(٢) إحقاق الحق : ٣ / ٢٠.