المقصود من الأجر المنفي في هذه الآيات هو الأجر الدنيوي بقرينة توجيه الخطاب إلى الناس.
أضف إليه أنّه ليس من المعقول أن يطلب الرسول من الناس أجراً أُخروياً ، إذ ليس في وسع الناس أن يقدّموا مثل هذا الأجر إلى الرسول ، هذا وإنّ القرآن يحدّثنا بأنّ الرسول كان يعلن للناس بأنّه لا يريد من أحد أجراً ، وقد أمره سبحانه أن يقول :
( قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ ) (١).
وقوله سبحانه :
( مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ ) (٢).
فمع مثل هذه التصريحات التي تمَّت في بدء الرسالة ، لا يمكن للنبي أن يطلب من الناس شيئاً يعتبره الناس أجراً على عمله ، كيف ؟ والنبي الأعظم كالأنبياء السابقين من نخبة المجتمع وصفوة البشرية ، والإخلاص منطلقهم الوحيد في عملهم ودعوتهم ، وكان شعارهم كل شيء لأجل الله.
قال شيخنا المفيد : إنّ أجر النبيّ هو الثواب الدائم ، وهو مستحق على الله في عدله وجوده وكرمه ، وليس المستحق على الأعمال ، يتعلق بالعباد لأنّ العمل يجب أن يكون لله تعالى خالصاً ، وما كان لله فالأجر فيه على الله تعالى دون غيره (٣).
الثاني : هل الاستثناء في الآية استثناء منقطع أو استثناء متصل ؟
فقد نقل روزبهان عن بعضهم أنَّ الاستثناء منقطع والمعنى : لا أسألكم على تبليغ الرسالة أجراً « لكن المودة في القربى حاصل بيني وبينكم » فلهذا أسعى
__________________
(١) الأنعام : ٩٠.
(٢) ص : ٨٦.
(٣) شرح عقائد الصدوق : ٦٨.