والمودّة الفارغة عن الاتّباع ليست سوى خدعة يخدع الإنسان بها نفسه هذا على القول بأنّ المراد من « اتخاذ السبيل » هو إجابة دعوة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والعمل بما أتى به والتمسك بشريعته.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ المراد من اتخاذ السبيل هو نفس المودّة في القربى ، فإنّها إحدى الطرق إلى التعرّف على الشريعة ، والتمسّك بها ، كما أنّ القرآن أيضاً أحد هذه الطرق ، وقد وافاك أنّ المودة ليست إلاّ أمراً طريقياً لهذه الغاية المهمة وليست مطلوبة بما هي هي ولذاتها.
وتؤيد ذلك الصحاح الحاكمة بوجوب التمسك بالثقلين ، أعني : الكتاب والعترة ، في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وأهل بيتي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي وانّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض » (١).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « انّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق » (٢).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس » (٣).
وعلى هذا فينطبق المستثنيان الواردان في الآيتين على معنى واحد ، ويكونان هادفين إلى معنى فارد ، وهو المودة في القربى ، غير أنّه جاء الأجر المطلوب في سورة الشورى على وجه الصراحة ، وفي سورة الفرقان على وجه الكناية.
__________________
(١) راجع مصادر حديث الثقلين ، إلى ما نشرته دار التقريب بين المذاهب الإسلامية ، باسم « حديث الثقلين » القاهرة ، عام ١٣٧٤ ه ؛ والمراجعات : ٢٠ ـ ٢٣.
(٢) مستدرك الحاكم : ٣ / ١٥١.
(٣) المصدر السابق : ١٤٩.