وقال ابن مسعود : انشق القمر على عهد رسول الله شقتين ، فقال لنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اشهدوا اشهدوا ».
ونقل عن ابن مسعود أنّه قال : والذي نفسي بيده لقد رأيت حرّاء بين فلقتي القمر.
وعن جبير بن مطعم : انشق القمر على عهد رسول الله حتى صار فلقتين على هذا الجبل ، وعلى هذا الجبل ، فقال ناس : سحرنا محمد ، فقال رجل : إن كان سحركم فلم يسحر الناس كلَّهم.
وقد روى حديث انشقاق القمر جماعة كثيرة من الصحابة ، منهم : عبد الله ابن مسعود ، وأنس بن مالك ، وحذيفة بن اليمان ، وابن عمر ، وابن عباس ، وجبير ابن مطعم ، وعبد الله بن عمر ، وعليه جماعة المفسرين ، إلى أن قال : فلا يعتد بخلاف من خالف فيه ، لأنّ المسلمين أجمعوا على ذلك ، والطعن في ذلك بأنّه لو وقع انشقاق القمر في عهد رسول الله لما كان يخفى على أحد من أهل الأقطار ، قول باطل ، فيجوز أن يكون الله تعالى قد حجبه عن أكثرهم بغيم وما يجري مجراه ، ولأنّه قد وقع ذلك ليلاً ، فيجوز أن يكون الناس نياماً فلم يعلموا بذلك ، على أنّ الناس ليس كلّهم يتأملون ما يحدث في السماء وفي الجو من آية وعلامة ، فيكون مثل انقضاض الكواكب وغيره مما يغفل الناس عنه ، وإنّما ذكر سبحانه اقتراب الساعة مع انشقاق القمر ، لأنّ انشقاقه من علامة نبوة نبينا ، ونبوته وزمانه من أشراط اقتراب الساعة (١).
وما ذكره من الاعتذار في عدم رؤية أكثر الناس انشقاق القمر مبني على ما كان يعتقده علماء الفلك في الأزمنة السابقة من كون الأرض مسطحة لا كروية بحيث إذا طلع البدر يطلع على الناس كلّهم ، وإذا غرب غرب عنهم جميعاً في
__________________
(١) مجمع البيان : ٥ / ١٨٦.