الدّقّاق قال : سمعت أبا العبّاس أحمد بن محمّد بن مسروق يقول : سمعت حارثا المحاسبي يقول : ثلاثة أشياء عزيزة أو معدومة : حسن الوجه مع الصيانة ، وحسن الخلق مع الديانة ، وحسن الإخاء مع الأمانة.
أنبأنا أحمد بن عليّ بن الحسين المحتسب ، حدّثنا الحسن بن الحسين الفقيه الهمذاني قال : سمعت محمّد بن أحمد بن هارون الزنجاني ـ بزنجان ـ قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن مسروق قال : قال حارث المحاسبي : لكل شيء جوهر ، وجوهر الإنسان العقل ، وجوهر العقل التوفيق.
أخبرني أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد ، أنبأنا محمّد بن الحسين النّيسابوري قال : سمعت محمّد بن عبد الله بن شاذان يقول : سمعت أبا الحسين الزنجاني يقول : قال حارث المحاسبي : ترك الدّنيا مع ذكرها صفة الزاهدين ، وتركها مع نسيانها صفة العارفين.
أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، أخبرني جعفر الخلدي ـ في كتابه ـ قال : سمعت الجنيد بن محمّد يقول : كان الحارث المحاسبي يجيء إلى منزلنا ويقول : اخرج معنا نصحر ، فأقول له تخرجني من عزلتي وأمني على نفسي إلى الطرقات والآفات ، ورؤية الشهوات؟ فيقول : اخرج معي ولا خوف عليك فأخرج معه ، فكأن الطريق فارغ من كل شيء لا نرى شيئا نكرهه ، فإذا حصلت في المكان الذي يجلس فيه قال لي : سلني ، فأقول له : ما عندي سؤال أسألك ، فيقول لي : سلني عما يقع في نفسك ، فتنثال على السؤالات فأسأله عنها ، فيجيبني عنها للوقت ، ثم يمضي إلى منزله فيعملها كتبا.
قال : وسمعت الجنيد يقول : كنت كثيرا أقول للحارث : عزلتي أنسي ، تخرجني إلى وحشة رؤية الناس والطرقات؟ فيقول لي : كم أنسي وعزلتي؟ لو أن نصف الخلق تقربوا مني ما وجدت بهم أنسا ، ولو أن النصف الآخر ناء عني ما استوحشت لبعدهم.
قال : وسمعت الجنيد يقول : كان الحارث كثير الضر ، واجتاز بي يوما وأنا جالس على بابنا ، فرأيت على وجهه زيادة الضر من الجوع ، فقلت له : يا عم ، لو دخلت إلينا نلت من شيء عندنا؟ قال : أو تفعل؟ قلت : نعم ، وتسرني بذلك وتبرني ، فدخلت بين يديه ودخل معي ، وعمدت إلى بيت عمي ـ وكان أوسع من بيتنا لا يخلو من