الأوصاف والآثار على الوجه الأكمل والأتم.
فإذا كان النور الحسّي أسرع الأشياء المادية في السير والدوران ، فالنور الّذي يحمله القرآن الكريم مثله في السرعة والانتشار ، فقد انبثق نور القرآن من أُمّ القرى وانتشر بسرعة فائقة في أجواء العالم ، وبدّد الظلام عن أُمّ القرى وما حولها إلى أن وصل إلى منتهى الخف والحافر.
وإذا كانت الحياة المادية لا تستقر في هذا الكوكب إلاّ بضوء الشمس فالحياة المعنوية لا تستقر في هيكل الفرد والمجتمع ، إلاّ بالإيمان والعمل الصالح ، ولا يهتدي الإنسان إلى كل منهما إلاّ ببركة الوحي المجسّد في الذكر الحكيم.
وإذا كان ضوء الشمس ونور الكوكب يبدّد الحجب في البوادي والصحاري والمدن والبلدان فيغيب المجرم ، ويختفي المسيء ، فالنور المعنوي الّذي يحمله القرآن ومثله كل وحي سماوي ، يضيء المجتمع وينوّر القلوب ، فلا تجد فيه مجالاً لظهور الرذائل وانتشار المساوئ ، وإنّما تظهر رذائل الأخلاق في غياب الإيمان والقرآن عن المجتمع.
وإذا كان النور الحسّي يكافح العوامل الهدّامة للحياة ، فالنور المعنوي أيضاً يكافح الغي والفساد ، والهرج والمرج ، والجهل والفقر ، وغيرها من الأُمور الّتي تعد من العوامل الهدّامة لحياة الإنسان المعنوية.
ولأجل ذلك نرى أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يأمر بالتمسّك بالقرآن الكريم عند التباس الفتن على الإنسان كقطع الليل المظلم ويقول : « إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنّه شافع مشفّع وماحل مصدّق ... » (١).
__________________
(١) الكافي : ٢ / ٢٣٨.