والجن والسماء ، من هذا العمل الذي لا يقترفه السفلة من الناس إلاّ المجانين منهم ، ولا العاديّون من السوقة ، فضلاً عن أنبياء الله وأوليائه المنزّهين.
وفي الختام نلفت نظر القارئ إلى ما ذكره « سيد قطب » في تفسير هذه الآيات في تفسيره قال :
أمّا قصة الخيل : انّ سليمان عليهالسلام استعرض خيلاً له بالعشي ، ففاتته صلاة كان يصليها قبل الغروب ، فقال : ردّوها عليّ ، فردّوها عليه ، فجعل يضرب أعناقها وسيقانها جزاء ما شغلته عن ذكر ربّه.
وفي رواية : روي أنّه جعل يمسح سوقها وأعناقها إكراماً لها ، لأنّها كانت خيلاً في سبيل الله.
ثم قال : وكلتا الروايتين لا دليل عليها ، ويصعب الجزم بشيء منها (١).
والعجب من السيد أنّه أعطى الروايتين مكانة واحدة مع أنّ الأُولى تضاد حكم العقل ، وسيرة الأنبياء والعلماء ، لذلك يسهل الجزم ببطلانها ، وأمّا الثانية فهي تنطبق على ظاهر الآيات كمال الانطباق ، وهو المروي عن حبر الأُمّة ابن عباس.
وقد نقل الرواية الأُولى عن أُناس كانوا لا يتحرّزون من الأخذ عن الأحبار المستسلمين ، فنقلها الطبري في تفسيره ، عن السدي وقتادة ، حتى أنّ الطبري مع نقله أُولى الروايتين اختار قول ابن عباس واستوجهه ، وقال : إنّ نبي الله لم يكن ليعذب حيواناً بالعرقبة ، ويهلك مالاً من ماله بغير سبب سوى أنّه اشتغل عن صلاته بالنظر إليها ولا ذنب لها باشتغاله بالنظر إليها (٢).
__________________
(١) في ظلال القرآن الكريم : ٢٣ / ١٠٠.
(٢) تفسير الطبري : ٣ / ١٠٠.