حول المعارف واكتفوا بالإيمان المجرّد الخالي عن التعمّق والتفهم.
٢. انّ معطّلة السلف كانوا يحرمون النظر في المعارف بحجة أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : عليكم بدين العجائز ، فإنّه الفائز. غير أنّ هذا النص لم يوجد في صحاح القوم ، ولا في مسانيدهم ، بل الصحيح ما روي أنّ « عمرو بن عبيد » لمّا أثبت منزلة بين الكفر والإيمان ، فقالت عجوزة : قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ ) فلم يجعل الله من عباده إلاّ الكافر والمؤمن. فقال سفيان : عليكم بدين العجائز.
وأقصى ما يمكن أن يقال : إنَّ الرواية صدرت من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عندما استدلت العجوز على وجود الصانع بحركة دولابها ، وكف اليد عن تحريكها ، على ما هو معروف ، فاستدلت بحركة الأجرام السماوية على أنّ لها محركاً كما أنّ لحركة دولابها محركاً ، وأين هذا من تعطيل العقول عن المعارف ؟!
٣. ثم إنّ تعطيل العقول عن البحث والمعرفة أخذ في هذه الأعصار صبغة علمية مادية بحتة بحجة أنّ مبادئها ومقدماتها ليست في متناول الباحثين ، لأنّها موضوعات وراء الحس والطبيعة ولا تعمل فيها حواس الإنسان ، فهذا هو السيد الندوي يتمسّك بهذا الوجه ويعدّ ترك البحث فضيلة ، والبحث عن المعارف القرآنية كفراناً للنعمة.
يقول : وقد كان الأنبياء عليهمالسلام أخبروا الناس عن ذات الله وصفاته وأفعاله ، وعن بداية هذا العالم ومصيره ، وما يهجم عليه الإنسان بعد موته ، وآتاهم علم ذلك كلّه بواسطتهم عفواً بدون تعب ، وكفوهم مؤونة البحث والفحص في علوم ليس عندهم مبادئها ولا مقدماتها الّتي يبنون عليها بحثهم ليتوصلوا إلى مجهول ، لأنّ هذه العلوم وراء الحس والطبيعة ، لا تعمل فيهما حواسّهم ، ولا يؤدي إليها