البعثة أو نرميه باقتراف الكبائر في تلك الفترة ، وهو يضاد عصمته قبل البعثة كما يضاد أهدافها.
قال العلاّمة المجلسي : قد ورد في أخبار كثيرة أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يطوف وأنّه كان يعبد الله في حراء ، وأنّه كان يراعي الآداب المنقولة من التسمية والتحميد عند الأكل وغيره ، وكيف يجوّز ذو مسكة من العقل ، على الله تعالى أن يهمل أفضل أنبيائه أربعين سنة بغير عبادة ؟! والمكابرة في ذلك سفسطة ، فلا يخلو إمّا أن يكون عاملاً بشريعة مختصة به أوحى الله إليه بها ، وهو المطلوب ، أو عاملاً بشريعة غيره (١).
نعم روى أحمد في مسنده ، عن سعيد بن زيد قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بمكة هو وزيد بن حارثة ، فمرَّ بهما زيد بن عمرو بن نفيل فدعوه إلى سفرة لهما ، فقال يابن أخي إنّي لا آكل مما ذبح على النصب ، قال : فما رؤي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ذلك أكل شيئاً مما ذبح على النصب ، قال : قلت لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ أبي كان كما قد رأيت وبلغك ، ولو أدركك لآمن بك واتبعك فاستغفر له ؟ قال : نعم ، فاستغفر له فإنّه يبعث يوم القيامة أُمَّة واحدة (٢).
نحن لا نعلق على هذا الحديث شيئاً سوى أنّه يستلزم أن يكون زيد أعرف بأحكام الله تعالى من النبي الأكرم ، الذي كان بمقربة من البعث إلى هداية الأُمّة ، أضف إليه أنّ الحديث مروي عن طريق سعيد بن زيد الذي يَدّعي فيه شرفاً لأبيه ، وفي الوقت نفسه نقصاً للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ) (٣).
هذا كلّه حول القول الأوّل.
__________________
(١) البحار : ١٨ / ٢٨٠.
(٢) مسند أحمد : ١ / ١٨٩ ـ ١٩٠.
(٣) الكهف : ٥.