لِلْمُسْلِمِينَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ ) (١) ، وقال سبحانه : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا * قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ) (٢).
والآية التي تمسّكت بها المخطّئة بصدد بيان هذا الأمر وأنّه وحي سماوي لا إفك افتراه ، ولأجل ذلك بدأ كلامه بلفظة ( وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ) ، أي كما أنّه سبحانه أوحى إلى سائر الأنبياء بإحدى الطرق الثلاثة التي بيّنها في الآية المتقدمة ، أوحى إليك أيضاً روحاً من أمرنا ، وليس هذا كلامك وصنيعك ، بل كلام ربك وصنيعه.
هذا مجمل الكلام في الآية ، ولأجل رفع النقاب عن مرامها نقدم أُموراً تسلّط ضوءاً عليه :
الأوّل : المراد من الروح في الآية هو القرآن ، وسمّي روحاً لأنّه قوام الحياة الأُخروية ، كما أنّ الروح في الإنسان قوام الحياة الدنيوية ، ويؤيد ذلك أُمور :
أ. انّ محور البحث الأصلي في سورة الشورى ، هو : الوحي والآيات الواردة فيها البالغ عددها ٥٣ آية ، تبحث عن ذلك المعنى بالمباشرة أو بغيرها.
ب. الآية التي تقدمت على تلك ، تبحث عن الطرق التي يكلّم بها سبحانه أنبياءه ويقول : ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) (٣).
__________________
(١) النحل : ١٠٢ ـ ١٠٣.
(٢) الفرقان : ٤ ـ ٦.
(٣) الشورى : ٥١.