يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ ).
٢. ( وَأَنزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ ).
٣. ( وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ).
٤. ( وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ).
فالأُولى منها : تدل على أنّ نفس النبيّ بمجردها لا تصونه من الضلال ( أي من القضاء على خلاف الحق ) وإنّما يصونه سبحانه عنه ، ولولا فضل الله ورحمته لهمّت طائفة أن يرضوه بالدفاع عن الخائن والجدال عنه ، غير أنّ فضله العظيم على النبي هو الذي صدّه عن مثل هذا الضلال وأبطل أمرهم المؤدي إلى إضلاله ، وبما أنّ رعاية الله سبحانه وفضله الجسيم على النبي ليست مقصورة على حال دون حال ، أو بوقت دون وقت آخر ، بل هو واقع تحت رعايته وصيانته منذ أن بعث إلى أن يلاقي ربَّه ، فلا يتعدى إضلال هؤلاء أنفسهم ولا يتجاوز إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فهم الضالون بما هموا به كما قال : ( وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ ).
والفقرة الثانية : تشير إلى مصادر حكمه ومنابع قضائه ، وأنّه لا يصدر في ذلك المجال إلاّ عن الوحي والتعليم الإلهي ، كما قال سبحانه : ( وَأَنزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ ) والمراد المعارف الكلية العامة من الكتاب والسنة.
ولما كان هذا النوع من العلم الكلي أحد ركني القضاء وهو بوحده لا يفي بتشخيص الموضوعات وتمييز الصغريات ، فلابد من الركن الآخر وهو تشخيص المحق من المبطل ، والخائن من الأمين ، والزاني من العفيف ، أتى بالفقرة الثالثة وقال : ( وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ) ومقتضى العطف ، مغائرة المعطوف ، مع المعطوف عليه ، فلو كان المعطوف عليه ناظراً إلى تعرّفه على الركن الأوّل وهو العلم بالأُصول والقواعد الكلية الواردة في الكتاب والسنّة ، يكون المعطوف ناظراً إلى