أعناق الناس ، وأراقوا الدماء واستباحوا الأعراض وانتهبوا الأموال ، وصار أصحاب الحديث يبرّرون سلوكهم في عدم جهاد الطواغيت بهذه العلة التافهة الّتي لو أخذنا بها لاندرس من الدين حتّى الاسم ، وهؤلاء المساكين لا يدرون أنّه إنّما قام للإسلام عمود واخضر له عود ، بمجابهة المخلصين من المسلمين عن طريق ثوراتهم وأعمالهم على السلطات الجائرة حتّى استشهد كثير منهم ، وسقوا شجرة الإسلام بدمائهم الطاهرة ، فبقيت مخضرّة تُؤتي أُكلها كل حين.
وفي مقابل هذه الطائفة من أهل السنّة هناك من لمس الواقع ودرس حقيقة الإمامة على وجه صحيح ولو من بعض جوانبها ، منهم : القاضي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي ، وشارح كتابه المحقّق السيد الشريف ، إذ يقولان : نعم يجب أن يكون عدلاً في الظاهر لئلاّ يجور ، لأنّ الفاسق ربّما يصرف الأموال في أغراض نفسه ويضيع الحقوق (١).
ويقول إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني : إنّ الإمام إذا جار وظهر ظلمه وغيه ولم يرعوِ لزاجر من سوء صنيعه ، فلأهل الحل والعقد ، التواطؤ على ردعه ولو بحمل السلاح ونصب الحروب (٢).
يقول العلاّمة الشيخ محمود شلتوت : فالحاكم يجب أن يكون حميد السيرة ، فإن ساءت سيرته فللأُمّة عزله (٣).
الإمامة والاجتهاد
يظهر من كثير من متكلّمي السنّة شرط الاجتهاد في الإمامة.
__________________
(١) شرح المواقف : ٨ / ٣٥٠ ، ط مصر.
(٢) شرح المقاصد : ٢ / ٢٧٢.
(٣) من توجيهات الإسلام : ٥٦٣.