مثبتين لها ، وإليك نصوص كلا الطرفين :
يقول القاضي الباقلاني : قال الجمهور من أهل الاثبات وأصحاب الحديث : لا ينخلع الإمام بفسقه وظلمه بغصب الأموال وضرب الأبشار وتناول النفوس المحرّمة وتضييع الحقوق وتعطيل الحدود ولا ينخلع بهذه الأُمور ، ولا يجب الخروج عليه ، بل يجب وعظه وتخويفه وترك طاعته في شيء ممّا يدعو إليه من معاصي الله ، واحتجوا لذلك بأخبار كثيرة متضافرة عن النبي والصحابة في وجوب طاعة الأئمّة وان جاروا واستأثروا بالأموال (١).
وقال التفتازاني : وإذا مات الإمام وتصدّى للإمامة من يستجمع شرائطها من غير استخلاف ، وقهر الناس بشوكته ، انعقدت الخلافة له ، وكذا إذا كان فاسقاً اوجائراً على الأظهر إلاّ أنّه يعصي بما فعل ، وتجب طاعة الإمام ما لم يخالف حكم الشرع سواء كان عادلاً أو جائراً ، ولا ينعزل الإمام بالفسق (٢).
وعلى هذا الأساس اشتهر بين أهل السنّة : أنّهم لا يرون الخروج على الأئمّة وقتالهم بالسيف وإن كان منهم ظلم ويتمسّكون في ذلك بأحاديث منسوبة إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وربّما يُعلّلون ذلك بأنّ الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل من ظلمهم بدون قتال ، فيدفع أعظم الفسادين بالتزام الأدنى ، ولا تكاد تعرف طائفة خرجت على السلطان ، إلاّ كان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الّذي أزالته (٣).
وعلى هذا الأساس تسلّط أصحاب السلطة من الأُمويين والعباسيين على
__________________
(١) التمهيد : ١٨٦.
(٢) شرح المقاصد : ٢ / ٢٧٢ ، ط اسلامبول.
(٣) منهاج السنة : ٧٨.