بنجاح في معترك الابتلاء ، وقد نقل سبحانه كيفية نجاح إبراهيم في تلك المعركة وتظهر بالرجوع إلى الآيات الواردة حول ابتلائه في السور المختلفة (١).
قال الزمخشري في « الكشاف » في تفسير « فأتمهن » : فقام بهنّ حق القيام وأدّاهنّ أحسن التأدية من غير تفريط وتوان. ويؤيد كون الفاعل هو إبراهيم قوله سبحانه : ( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ ) (٢) ، أي تمّم وأكمل ما ابتلي وامتحن به أو الأعم منه وما أمر به (٣).
وربّما يحتمل كون الفاعل ، هو الضمير العائد إلى الله سبحانه ، وعليه يكون مفاده توفيقه لما أراد منه حتى تصح نسبة إتمام الكلمات إليه سبحانه ، فالفاعل المباشر هو الخليل والله سبحانه هو الموفّق ، وتصح نسبة الفعل الواحد إلى المباشر والسبب جميعاً.
وأمّا تفسير الإتمام ـ بناء على كون الضمير عائداً إلى الله ـ « بأنّه أعطاه ما طلبه ولم ينقص منه شيئاً » (٤) ، فهو كلام عار عن التحقيق ، فإنّ الضمير المتصل بالفعل يرجع إلى الكلمات ، أعني : « هن » في « أتمهن » وليست الكلمات شيئاً طلبها إبراهيم من الله ، بل الله سبحانه طلبها منه كما سيوافيك ، وعلى ذلك لا يصح تفسير إتمام الله بإعطائه ما طلبه إبراهيم منه ، وإنّما يصح بتوفيقه إيّاه للقيام بما أمر والنجاح في ما ابتلي.
__________________
(١) البقرة : ١٢٧ ـ ١٢٨ ; الأنعام : ٧٠ ـ ٨٣ ; الأنبياء : ٥٣ ـ ٧١ ; الحج : ٢٦ ـ ٢٧ ; وسورة إبراهيم : ٣٧ ـ ٤٠.
(٢) النجم : ٣٦ ـ ٣٧.
(٣) لاحظ الكشاف : ١ / ٢٣٦ ; مجمع البيان : ٥ / ١٨٠.
(٤) لاحظ الكشاف : ١ / ٢٣٦ ; مجمع البيان : ٥ / ١٨٠.