والمراد من تفويض أمر خلقه ، إمضاؤه تعالى ما يأمر به وينهى عنه ، وافتراض طاعته وإمضاء ولايته في أمر الناس.
نعم التفويض بمعنى سلبه تعالى ما أثبته للنبي عن نفسه ، فمستحيل كما قرر في محله.
٤. انّ هناك آيات كثيرة تتجاوز عشرين آية تفرض طاعة الرسول على الأُمّة ، فيجب إمعان النظر فيما هو المراد من هذه الفريضة ، فنقول :
الرسول بما هو رسول وبما هو واسطة لإبلاغ كلامه سبحانه إلى الناس ليس له أمر ونهي حتّى تفترض له الطاعة ، بل هو في ذلك مبلّغ لرسالات الله ومذكر بآياته وليست له سلطة وسيطرة ، قال سبحانه : ( إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ) (١) ، غير انّ الرسول إذا كان له مع الرسالة منصب الحكم وحق الأمر والنهي في تدبير المجتمع وتجسيد الشريعة يكون له حق الطاعة وعلى الأُمّة فرض الاقتفاء ، والآيات التالية تشير إلى ذلك النوع من الطاعة حيث يقول سبحانه : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) (٢).
فترى أنّه سبحانه يعطف طاعة الرسول على طاعته ، لكن بتكرار الفعل مشيراً إلى أنّ له طاعة خاصة وإن كانت في طول طاعة الله ومشتقة منها ، وقال سبحانه : ( مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ) (٣).
يقول الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام في تفسير الآية : « فقرن طاعته بطاعته ،
__________________
(١) الغاشية : ٢١ ـ ٢٢.
(٢) النساء : ٥٩.
(٣) النساء : ٨٠.