الرسول من الفيء فخذوه ما نهاكم عنه ومنعكم فانتهوا ولا تطلبوه ، وذلك لأنّ موقف الآية إعطاء الضابطة في كل ما آتاه الرسول فيجب اتّباعه سواء أكان في مجال الفيء أم غيره بشهادة قوله في ذيل الآية : ( وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ، وكون المورد هو الفيء لا يوجب تخصيص الآية بها ، والرجوع إلى الآيات السابقة لهذه الآية يفيد بأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يمثل مقام الإمامة والحكم ، وإليك الآيات السابقة :
١. ( مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ ).
٢. ( وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ ).
٣. ( مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ ).
٤. ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ).
فمجموع الآيات من بدئها إلى آخرها واردة في مجال الحكم والقضاء وانّ الله فوّض إدارة أُمور المسلمين إلى نبيه ، وأمرهم بالأخذ بما آتى والانتهاء عمّا نهى ، وبهذا المعنى صرّحت الأحاديث المروية عن أهل البيت عليهمالسلام فقال الإمام جعفر الصادق عليهالسلام في تفسير الآية : « ثم فوّض إليه أمر الدين يسوس عباده فقال : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) انّ الرسول كان مسدداً موفقاً مؤيداً بروح القدس ولا يزل ولا يخطأ في شيء ممّا يسوس به الخلق ». (١)
وقال عليهالسلام أيضاً : « إنّ الله عزّ وجل فوّض إلى نبيه أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم » ثم تلا هذه الآية (٢).
__________________
(١) الكافي : ١ / ٢٦٦ ، باب التفويض إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من كتاب الحجة.
(٢) نفس المصدر.