٢. ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) (١) ، فقضاؤه صلىاللهعليهوآلهوسلم قضاء منه بولايته ، وفي الوقت نفسه قضاء من الله سبحانه ، لأنّه الجاعل لولايته والمنفّذ أمره ، وبما أنّه جعل الأمر الواحد « قضى » متعلّقاً لقضاء الله ورسوله معاً ، فهو يدل على أنّ المراد من القضاء التصرف في شؤون الناس في الأُمور الدنيوية والأُخروية ، لا القضاء بمعنى التشريع وجعل الأحكام ، لأنّه مختص بالله سبحانه (٢).
وبالجملة ليس لأحد من المؤمنين والمؤمنات إذا قضى الله ورسوله بالتصرّف في أمر من أُمورهم ، اختيار غير ما أراد الله ورسوله ، بل عليهم أن يتّبعوا قضاء الله ورسوله ، فالآية تمثّل أعلى مرتبة من الحكم للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن المعلوم أنّ جعل قضاء الرسول كقضاء الله تابع لملاكات صحيحة تتّبع المصالح العامة فقط لا المصالح الشخصية.
٣. ( مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (٣).
الآية تمثّل مقام ولاية النبي في تقسيم الفيء ، وانّه يجب على المؤمنين اتّباعه في كيفيته ، ولا يعترضوا عليه بشيء ، هذا من غير فرق بين تفسير الإيتاء في ( آتَاكُمُ ) بمعنى الأمر والبعث بقرينة قوله : ( وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) والمعنى ما أمركم الرسول فخذوه بالاتّباع والطاعة ، أو تفسيره بمعنى الإعطاء أي ما أعطاكم
__________________
(١) الأحزاب : ٣٦.
(٢) راجع الجزء الأوّل من هذه الموسوعة بحث التوحيد في التشريع والتقنين.
(٣) الحشر : ٧.