فعلى ذلك يجب أن يكون النبي أحب إليه من نفسه وأكرم عنده منها ولو دعته نفسه إلى شيء والنبي إلى خلافه كان المتعيّن إجابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وطاعته وتقديم أمر النبي على نفسه.
وعلى ذلك فمقتضى الإطلاق ـ إطلاق الأولوية ـ انّ النبي أولى بهم فيما يتعلّق بالأُمور الدنيوية أو الدينية ، وهذا يمثل قمة الإطاعة له وذروة الإمامة والقيادة في جميع المجالات على أحسن وجه.
نعم إذا أمر النبي بإخراج المؤمن عن نفسه ونفيسه ، فيجب عليه الخروج ، لأنّ النبي لا يأمر لغايات شخصية ، وإنّما يأمر لمصالح الإسلام والمسلمين ، ولا يتصوّر انّ الآية ، تهدف إلى جعله مستبداً بالحكم وتسلم زمام المجتمع بيد الفرد حتّى يتصرف فيه بما شاء هواه وأمرت به نفسه ، حاشا النبي الأعظم المسدّد أن تكون سيادته على أساس التسلّط الفردي والنفع الشخصي ، وانّما يتبع الوحي في حكمه وقضائه ويكون مصوناً بتسديد من الله عن الخطاء والزلل ، قال سبحانه : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ ) (١) ، وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * ... وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَٰكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) (٢).
وقد كان بعض الصحابة يصر على اتّباع الرسول لآرائهم ، فرد الله عليهم بأنّ مقتضى الإيمان أن لا يتقدم المؤمن على الله سبحانه ورسوله ، ولو انّ الرسول اتّبع آراءهم ، لكانت عاقبة ذلك العنت والهلاك.
__________________
(١) النجم : ٣ ـ ٤.
(٢) الحجرات : ١ ـ ٧.