له حتى يطاع ولا نهي له حتى يعصى ، فمن أطاعه فقد أطاع الله ، ومن عصاه فإنّما عصى الله ، ونسبة الإطاعة إليه في الآية المباركة بضرب من العناية ، والمقصود من إطاعته سماع قوله ، وتطبيق العمل على كلامه نظير ما يقول الصديق للصديق « أطعت قولك » ، والمقصود جعل العمل مطابقاً لكلامه.
وبذلك يعلم أنّ ما ورد من الآيات من الأمر بإطاعة الرسول في جنب أُولي الأمر ليس المراد من الرسول فيها الرسول بما هو رسول ، بل بما له من مقام الإطاعة فيكون الرسول عنواناً مشيراً إلى قيادته وإمامته ، قال سبحانه : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) (١).
( وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا ) (٢).
والحاصل : انّ للرسول إطاعتين.
إحداهما : ضرب من العناية ، كما هو شأن كل واسطة بين الآمر والمأمور ، ولا تعدّ هذه طاعة حقيقية ، وعلى هذا المعنى تنزّل عدة من الآيات الواردة فيها طاعة الرسول.
وثانيتهما : إطاعة حقيقية عندما خلع عليه سبحانه ثوب الإمامة ولباس القيادة ، فيكون مطاعاً واقعاً ، وعلى كلا المعنيين يمكن تنزيل قوله سبحانه : ( مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ ). (٣)
وعلى الجملة فما أفاده قدسسره فله حق عظيم علينا وعلى الأُمّة الإسلامية ـ كلام غير تام ، والله العالم.
__________________
(١) النساء : ٥٩.
(٢) الأنفال : ٤٦.
(٣) النساء : ٨٠.