تعالى ومأمورون بأمره (١).
وثانياً : أنّ تفسير الإمامة بالقيادة العامة للأُمّة هو كون المتلبس بها أُسوة في القول والعمل ، ليس من المعاني المبتذلة كيف ويقول الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : والإمامة نظاماً للأُمّة (٢).
وثالثاً : ما أفاده من أنّه لا معنى أن يقال لنبي مفترض الطاعة « إنّي جاعلك للناس إماماً أو مطاعاً » غير تام ، لما أوقفناك عليه من أنّ النبي بما هو نبي ليس له شأن إلاّ التنبّؤ ، كما أنّ الرسول ليس له شأن إلاّ إبلاغ الرسالات ، وأمّا كونه مطاعاً بالنسبة إلى الأوامر الّتي تصدر منه لأجل مصالح الأُمّة ، فهو ليس من شؤون الرسالة ، وانّما يكون من شؤون مقام آخر يتلبس به بعدهما ويحول إليه بعد الاختبار والابتلاء.
وقد أوقفناك على أنّ مثل النبي والرسول فيما يبلغ من أمر الرسالة مثل المفتي والمستنبط للأحكام من الكتاب والسنّة ليس له أمر ولا نهي ولا طاعة ولا معصية ، بل له حق الإبلاغ والإعلام لا الأمر والبعث والزجر والمنع ، كل ذلك يستوجب أن يكون له مقام آخر يناسب تلك الأُمور ، وهو مقام الإمامة والقيادة والرئاسة وما أشبهها.
ففي المجال الأوّل يكون المطاع حقيقة هو الله ، ولو نسبت الطاعة إلى الرسول فبالعناية ، وبهذا يفسر قوله : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ ) (٣) ، وإلاّ فالرسول بما هو رسول ومبلّغ وواسطة بين الخالق والمخلوق لا أمر
__________________
(١) مرآة العقول : ١ / ١٦٥ ، الطبعة القديمة الحجرية ، وفي أواخر الجزء الثاني من الطبعة الحديثة.
(٢) نهج البلاغة : قسم الحكم ، الرقم ٢٥٢.
(٣) النساء : ٦٤.