والمسلم غير العارف بالدين وما أُلصق به ، لا يميز بين الحقيقة الناصعة وبين ما أُلبس عليها من ثوب رديء قاتم.
وليس هذا أوّل ولا آخر مورد يجد الشاب الثوري صراعاً في نفسه بين العقلية الإنسانية وبين الدعاية الكاذبة عن الإسلام ، فيختار وحي الفطرة ويصبح ثائراً على القوى الطاغية ، ويظن انّه ترك الإسلام باعتقاد أنّ المتروك هو الدين الحقيقي الّذي أنزله الله تعالى على النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذه الجريمة متوجهة بالدرجة الأُولى على هذا النمط من العلماء.
فواجب على علماء الدين أن يرجعوا إلى المصادر الإسلامية الصحيحة في تشخيص ما هو من صميم الدين عمّا أُلصق به ، ولا يقتنعوا بما كتب باسم الدين عن السلف الصالح ، وليس كل ما نسب إلى السلف الصالح أو قالوا به صميم الدين ، كما أنّه ليس كل سلف صالحاً ، بل هم بين صالح وطالح ، وسعيد وشقي ، وعالم وجاهل ، وليس كل سلف أفضل وأتقى وأعلم من كل خلف ، فليدرسوا الأُصول المسلّمة من رأس ، نعم لا أكتم أنّ هناك أُناساً واقفين على الحقيقة ، ولكن لا تقتضي مصالحهم الشخصية إظهارها وقد نزل فيهم قوله سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ ) (١) ، كما أنّ بينهم شخصيات لامعة جاهروا بالحقيقة واصحروا بها واشتروا رضا الرب بأثمان غالية وتضحيات ثمينة.
__________________
(١) البقرة : ١٥٩.