( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ ).
وأمّا الثاني : فقد قال ابن هشام فيه أيضاً : فلمّا انهزم الناس ورأى من كان مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من جفاة أهل مكة ، الهزيمة ، تكلّم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن ، فقال أبو سفيان بن حرب : لا تنتهي هزيمتهم دون البحر ، وصرخ جبلة بن حنبل : ألا بطل السحر اليوم ... (١).
أفبعد هذا يصح أن يعد جميع الصحابة بحجة أنّهم رأوا نور النبوة عدولاً أتقياء ؟!
قال القرطبي في « تفسيره » قد فرّ الناس يوم « أُحد » وعفا الله عنهم ، وقال الله فيهم يوم حنين : ( ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ) ثم ذكر فرار عدة من أصحاب النبي من بعض السرايا (٢).
هذا الإمام الواقدي يرسم لنا تولّي الصحابة منهزمين ويقول : فقالت أُم الحارث فمر بي عمر بن الخطاب ، فقالت أُم الحارث : يا عمر ما هذا ؟ فقال عمر : « أمر الله » ، وجعلت أُم الحارث تقول : يا رسول الله من جاوز بعيري فاقتله (٣).
هذه هي الأصناف العشرة من صحابة النبي ممّن لا يمكن توصيفهم بالعدالة والتقوى ، أتينا بها في هذه العجالة مضافاً إلى الأصناف المضادة لها ، ولكن نلفت نظر القارئ الكريم إلى الآيات الواردة في أوائل سورة البقرة وسورة النساء
__________________
(١) سيرة ابن هشام : ٣ / ١١٤ و ٤ / ٤٤٤. ولاحظ التفاسير.
(٢) تفسير القرطبي : ٧ / ٣٨٣.
(٣) مغازي الواقدي : ٣ / ٩٠٤. انّ تعليل الفرار عن الزحف بقضاء الله كتعليل عباد الأوثان شركهم به كما في قوله سبحانه حاكياً عن المشركين : ( لَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا ) ( الأنعام : ١٤٨ ) وتلزم من ذلك تبرئة العصاة والكفّار ، لأنّ أعمالهم كلّها بقضاء منه.