وفي نص آخريقول : طعن محمد بن أبي بكر جنبيه بمشقص في يده ، وضرب كنانة بن بشر مقدم رأسه بعمود ، وضربه سودان بن حمران المرادي بعد ما خر لجبينه ، ووثب عمرو بن الحمق فجلس على صدره وبه رمق فطعنه تسع طعنات ، إلى آخر ما ذكره (١).
وقد وقعت الواقعة بمرأى ومسمع من معظم الصحابة وليس لأحد أن يتفوّه انّهم لم يكونوا عالمين بها ، فإنّها ما كانت مباغتة ولا غيلة حتّى يكونوا في غفلة عنها ، وقد استدام الحوار أكثر من شهرين والحصر حوالي أربعين يوماً ، كل ذلك يعرب عن أنّهم كانوا راضين بهذه الاحدوثة ، لو لم نقل انّهم كانوا بين مباشر لها ، إلى خاذل للمودي به ، إلى مؤلّب عليه ، إلى مثبط عنه ، إلى راض بما فعلوا ، إلى محبّذ لتلك الأحوال ، كما هو واضح لمن قرأ تاريخ الدار وقتل الخليفة متجرداً عن أهواء وميول أُموية.
فعندئذ يدور الأمر بين أمرين بأيّهما أخذنا يبطل الأصل المزعوم من عدالة الصحابة أجمع.
فإن كان الخليفة ، قائماً على جادة الحق غير مائل عن الطريقة المثلى ، فالمجهزون على قتله والناصرون له فسّاق ان لم نقل انّهم مرّاق عن الدين لخروجهم على الإمام المفترضة طاعته.
وإن كان مائلاً عن الحق ، منحرفاً عن الطريقة المثلى ، مستحقاً للقتل ، فما معنى القول بعدالة الصحابة كلهم من إمامهم إلى مأمومهم ؟
وأمّا تبرير عمل المجهزين عليه ، والهاجمين على داره بأنّهم كانوا عدولاً
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٤٢٣.