الأوّل : الجماعة الرافضة لحكم الله سبحانه ، حيث حرم عليهم صيد البحر يوم السبت قائلاً : ( ... إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ ) (١).
الثاني : الجماعة الساكتة الّتي أهمّتهم أنفسهم ، لا ينهون المعتدين عن عدوانهم ، بل كانوا يعترضون على القائمين بوظيفة الإرشاد ، والرد في وجه العاصين والطاغين بقولهم : ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ).
الثالث : الجماعة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر ، محتسبين ذلك وظيفة دينية عريقة ، وقد حكى الله سبحانه على لسانهم وقال : ( مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ).
فالله سبحانه يخبر أنّه اباد الطائفتين الأُوليين « المنكرين ، والساكتين والمحايدين » وأنجى الطائفة الثالثة قائلاً : ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ) (٢) ، فالآية صريحة في حصر النجاة في الناهين عن السوء وشمول العذاب للمعتدين والساكتين.
فما أصرح الآية في تبيين مصيركم أيّها الساكتون في وجه الطغاة ، الجالسون حول موائدهم العامرة ، المرتادون لمجالسهم وضيافاتهم الفاخرة ، من دون أن تقابلوهم بوجوه مكفهرّة أو بقلوب مملوءة بالغضب ، ومع ذلك تدّعون أنّكم دعاة التوحيد وأعلام الهداية وشعاركم الوحيد « إلى الإسلام من جديد » ؟!!
وهل الإسلام إلاّ أُصول وعقائد وأحكام ووظائف جاء بها خاتم الأنبياء والمرسلين وملأ فمه : « من رأى منكراً فليغيره بلسانه ، فإن لم يستطع فبيده ، ومن لم
__________________
(١) الأعراف : ١٦٣.
(٢) الأعراف : ١٦٥.