أراد التفصيل فليرجع إلى ما سبق في هذا الجزء.
والكاتب قدّم الفكرة أوّلاً وصوّرها عند نفسه سالمة عن النقد وهي انحصار العصمة في النبي الأكرم ، ولأجل ذلك عاد يصوّر القول بعصمة الأئمّة أمراً مناقضاً لكون النبي مركز الهداية مع أنّ كون النبي مركزها ومصدرها ليس بمعنى انحصار العصمة فيه ، بل معناه انّه صاحب النبوّة والرسالة وصاحب الشريعة والملة وغيره ينفّذ ما خطّه الرسول ورسمه مع عصمة في القول وصيانة عن الزلل في العمل ، وإن أردت تصوير كون النبي مركز الهداية ومصدر القيادة فقل : إن النبيَّ الأكرم واقع في نقطة المركز من الدائرة وغيره كالخطوط النابعة منه يستضيء بنوره ويقتبس من علمه ، وهذا لا ينافي أن يكون المستضيء والمستفيد معصوماً مثله ويكون في الوقت نفسه تابعاً له متنوّراً بنوره.
وأمّا الثالث : أعني كونهم مفترضي الطاعة فليس هذا بأمر عجيب فإنَّ وجوب الطاعة لا يختص بالنبي الأكرم ، بل تجب إطاعة أُولي الأمر بنص الذكر الحكيم ، قال سبحانه : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) (١).
إنّ الأُستاذ يعيب على الشيعة بأنّهم يقولون بأنّ الأئمّة مفترضو الطاعة مع أنّهم يقولون بافتراض طاعة السلطان براً كان أو فاجراً ، ولاأقل يقولون بحرمة الخروج على السلطان الجائر وإن بلغ من الجور والفساد ما بلغ (٢).
وأمّا الرابع : أعني : قوله : إنّ الملائكة تتردّد على الأئمة ليل نهار ، فلو كان هذا بمعنى كونهم أنبياء فالشيعة برآء منه ، فإنّ النبوّة قد ختمت بالنبي الأكرم بنصّ الذكر الحكيم وإجماع المسلمين وتواتر الروايات ، وإن كان بمعنى كونهم محدَّثين
__________________
(١) النساء : ٥٩.
(٢) مقالات الإسلاميين لإمام الأشاعرة : ٣٢٣ ، ط القاهرة.