ونقل العلاّمة الحلّي عن بعض المتكلمين بأنّه فسر العصمة بالأمر الذي يفعله الله بالعبد من الألطاف المقربة إلى الطاعات التي يعلم معها أنّه لا يقدم على المعصية بشرط أن لا ينتهي ذلك إلى الإلجاء.
ونقل عن بعضهم : العصمة لطف يفعله الله تعالى بصاحبها لا يكون معه داع إلى ترك الطاعة وارتكاب المعصية.
ثم فسر أسباب هذا اللطف بأُمور أربعة (١).
وقال جمال الدين مقداد بن عبد الله الشهير بالفاضل السيوري الحلي ( المتوفّى عام ٨٢٦ ه ) في كتابه القيم « اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية » :
قال أصحابنا ومن وافقهم من العدلية : « هي ( العصمة ) لطف يفعله الله بالمكلّف بحيث يمتنع منه وقوع المعصية لانتفاء داعيه ، ووجود صارفه مع قدرته عليها » ثم نقل عن الأشاعرة بأنّها هي القدرة على الطاعة وعدم القدرة على المعصية (٢).
كما نقل عن بعض الحكماء أنّ المعصوم خلقه الله جبلة صافية ، وطينة نقية ، ومزاجاً قابلاً ، وخصّه بعقل قوي وفكر سوي ، وجعل له ألطافاً زائدة ، فهو قوي بما خصّه على فعل الواجبات واجتناب المقبحات ، والالتفات إلى ملكوت السماوات ، والإعراض عن عالم الجهات ، فتصير النفس الأمارة مأسورة مقهورة في حيز النفس العاقلة (٣).
وقال العلاّمة الطباطبائي في تفسير قوله تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ
__________________
(١) كشف المراد : ٢٢٨ ، طبعة صيدا.
(٢) سيوافيك انّ العصمة لا تنافي القدرة ، والهدف من نقل قول الأشاعرة هو إثبات اتفاق القائلين بالعصمة ، على أنّها موهبة إلهية.
(٣) اللوامع الالهية : ١٦٩.