وعلى كل تقدير ، فما ورد في هذه الطائفة من الآيات بمنزلة ضابطة كلية في حق المخلصين ونزاهتهم عن الغواية الملازمة لنزاهتهم عن المعصية.
وهناك آيات أُخرى تأتي بأسماء المخلصين وتصفهم وتقول : ( وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ المُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ * وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الأَخْيَارِ ) (١).
فقوله سبحانه : ( إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ) خير دليل على أنّ المعدودين والمذكورين في هذه الآيات من إبراهيم وذريته كلهم من المخلصين الذين شهدت الآيات على تنزههم من غواية الشيطان الملازم لنزاهتهم عن العصيان والخلاف.
نعم هذه الطائفة لا تدل على عصمة جميع الأنبياء والرسل إلاّ بعدم القول بالفصل حيث إنّ العلماء متفقون إمّا على العصمة أو على خلافها ، وليس هناك من يفصل بين نبي دون نبي بأن يثبت العصمة في حق بعضهم دون بعض.
هذا بعض ما يمكن الاستدلال به على عصمة الأنبياء وبقيت هناك آيات يمكن الاستدلال بها على العصمة أيضاً مثل قوله سبحانه : ( وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (٢).
لأنّ المراد من الاجتباء هو الاجتباء بالعصمة وان كان يحتمل أن يكون المراد
__________________
(١) ص : ٤٥ ـ ٤٨.
(٢) الأنعام : ٨٧.