من ذلك ذمام فآويته ، فأما إذ قد عمت فخل سبيلي حتى أرجع إليه وآمره بالخروج من داري إلى حيث شاء من الأرض ، لأخرج بذلك من ذمامه وجواره.
فقال له ابن زياد : والله لا تفارقني أبداً حتى تأتيني به.
فقال : والله لا آتيك به أبداً ، آتيك بضيفي حتى تقتله!
فقال : والله لتأتيني به.
قال : والله لا آتيك به.
فلما كثر الكلام بينهما ، قام مسلم بن عمرو الباهلي (١٢٦) فقال : أصلح الله الأمير أخلني وإياه حتى أكلمه ، فقام فخلى به ناحية ـ وهما بحيث يراهما ابن زياد ويسمع كلامهما ـ إذ رفعا أصواتهما.
فقال له مسلم : يا هاني أنشدك الله أن لا تقتل نفسك وتدخل البلاء على عشيرتك ، فوالله إني لأنفس بك عن القتل ، إن هذا الرجل ابن عم القوم وليسوا بقاتليه ولا ضاريه ، فادفعه إليه ، فإنه ليس عليك بذلك مخزاة ولا منقصة ، وإنما تدفعه إلى السلطان.
فقال هاني : والله إن علي في ذلك الخزي والعار ، أنا أدفع جاري وضيفي ورسول ابن رسول الله إلى عدوه وأنا صحيح الساعدين وكثير الأعوان! والله لو لم أكن إلا رجلاً واحداً ليس لي ناصر لم أدفعه حتى أموت دونه.
فأخذ يناشده ، وهو يقول : والله لا أدفعه.
فسمع ابن زياد ذلك ، فقال : أدنوه مني ، فأدني منه ، فقال : والله لتأتيني به أو لأضر بن عنقك.
__________________
(١٢٦) ر : مسلم بن عمر ، وفي بعض النسخ : مسلم بن عمير الباهلي.
لم يذكروه.