قادتنا
غالب الناس يهوى المجد والشهرة والجاه والسلطة والمال والسفر والنساء ، وسائر ملذّات الدنيا ومفاتنها الغرّاء ، ويسعى إليها بالطرق المشروعة وغير المشروعة ، والقلّة هي التي تختار وتمتاز بالزهد والتواضع وشظف العيش ، وإذا ما قصدت فضاءات العلم والثقافة والمعرفة فإنّها لا تقصدها بما هي زخرف الحياة ومظهرها ومسرح تفاخرها واستعراضاتها وغاياتها الرخيصة وأهدافها البغيضة ، بل بما هي وسيلة لبلوغ مراتب الكمال والشرف والنبل الإنساني ، بما هي مصدر إشعاع فكري يعمّ سناه عتمات الروح البشريّة التي تطلب النجاة من حضيض الضلال وأودية التيه والحيرة السحيقة.
نعم ، لكلّ شيء ثمن ، فثمن الفوز بالدنيا ولذائذها ومفاتنها هو علوّ النفس البهيمية وهبوط النفس الإنسانية التي كرّمها الله تبارك وتعالى أجلّ تكريم. وحينما تكون النفس البشرية مهيّأة لفقدان العزّ والشرف والخصال الحميدة لحساب الشهرة والمال ... فإنّها تهوي حيث أدنى المراتب لا يفصلها ولا يميّزها عن النفس الحيوانية سوى الشكل والظاهر ..