نحن والكتاب
إنّ الجهود التي كرّسها الوحيد ـ نوّر الله مرقده ـ قد أينعت وأتت بالثمر العظيم على مختلف المجالات ، ولاسيّما مجال التصنيف ، الذي عاش ـ ولا زال ـ عصراً باهراً يمتاز بالتكامليّة ، المقرونة بالدقّة الفائقة ، والضبط الرفيع ، والقواعد المحكمة ، وكثرة الفروع وتشعّبها ، ومتانة الاستنباط.
ويعدّ كتابنا «رياض المسائل» خير نموذج وأوضح مصداق يجمع ـ وبشكل شامل ـ بين مباني الوحيد وخصائص مرحلة التكامل ، فإنّ مصنّفه «السيّد علي الطباطبائي» المشتهر بتبحّره في علم الاُصول ، قد أبدى مهارة فائقة وبراعة قلّ نظيرها في إرجاع الفروع إلى الاُصول ، الاُصول التي اعتمدها اُستاذه الوحيد ودحر بها الأخباريين ، فلقّنها إيّاه خير تلقين ، وأجاد استثمارها وأبدع فيها خير إبداع ، سالكاً في الاستدلال بها مسلكاً استحال على غيره ، بل عسر ، متعرّضاً لكلّ ما توصّل إليه من الأدلّة والأقوال.
إنّ «رياض المسائل» غرّة ناصعة على جبهة الفقه الشيعي ـ بل الإسلامي ـ ونجم ساطع في سماء الفقه الاستدلالي ، وآية باهرة لكيفيّة الاجتهاد والاستنباط ، حسن الترتيب ، كثير الفوائد جدّاً ، يضمّ ـ بالإضافة إلى دقّته في الاستدلال ـ الإحاطة بشتّى جوانب البحث ، مشفوع بنقل الروايات والكلمات بعبارات موجزة بليغة ، اقتصر فيه على اُمّهات الفروع