من مفردات المؤسّسة الدينيّة / ٢
المرجعيّة العليا بين المحاسبات البشريّة والإرادة الإلهيّة
لاتنفكّ المعرفة البشريّة عن ثلاثيّتها الشهيرة : الفكر ، اللغة ، التاريخ ، كما لا ينفكّ الإنسان عن محاسباته القائمة منطقياً على أدوات ومؤن الواقع الموجود ، بالاستناد في ذروة احتجاجاته على ما في جعبته من العلم وكلّ ما تاخمه رتبةً ومنزلةً ، فيجهد العقل الفردي وينشغل الذهن وتتفاعل سائر القوى الذاتيّة كي تُصنَع الفكرة وتُصاغ الرؤية التي لابدّ لها من إمضاء العقل الجمعي حتى تتفتّح أمامها آفاق البلورة وميادين التطبيق والممارسة.
إنّما النُّخَب هي وحدها القادرة على فعل ذلك ، لا كلّ النخب التي يعتقد البعض انقسامها إلى ثلاثة أصناف ، فالمثقّف نخبة لكنّه مجرّد فرد واع مطّلع على مجرى الأحداث والقضايا ، وهو دون المفكّر الذي يصنع الفكرة ويبدعها ، وهو دون الفيلسوف ـ بمعناه الأشمل ـ الذي يهضم الأفكار ويذيبها لينحتها ويصوغها مذهباً أو تيّاراً ...