الكتابة
يطرح الدكتور عمر مهيبل في كتابه من النسق إلى الذات «باب : إشكاليّة الكتابة : مساءلة مفهوميّة» رؤى الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا الذي يمثّل الجيل اللاحق للبنيوية ، أي الجيل الذي استفاد من البنيوية ولم يقبلها كليّةً ورفضها ولم يتخلّص منها كليّةً أيضاً. دريدا الذي عُرِف عبر مصطلحه الشهير «التفكيك» ومن ثمّة عُرِفت فلسفته بالتفكيكية ، وهي كما يقول : لا شيء وكلّ شيء في الوقت ذاته. دريدا الذي نادى في علم الكتابة ـ الغراماتولوجيا ـ بأولويّة الكتابة على الكلام مخالفاً الألسنيين المعاصرين وعلى رأسهم دوسوسير ، القائلين بأسبقية الكلام من الكتابة وأنّ الأصوات هي أكثر بكثير من الحروف.
نعم ، يطرح مهيبل رؤى دريدا حينما يعبّر عن ذلك : هل نكتب وفقاً لمبدأ العرض والطلب فنسقط في العبوديّة المقنّنة والبذاءة اللفظية والتبسيط المملّ فتفقد الكتابة عنفوانها ويطمس رونقها وتنحسر دلالتها حتى تلامس مراتب العدم؟ هذا النمط من الكتابة اُسمّيه «الكتابة اللامرئيّة» ; لأنّ ما تقع عليه عينا العقل منها لا يتعدّى شكلها أو بنيتها