أنا خادمٌ لكم
يتعسّر على الفكرة أن تتناسى أهلها وتتجاهل محيطها ، فإنّها إن كانت غريبةً عن بيئتها واُناسها ، غير آبهة بقيمها وعاداتها وتقاليدها ، راشحةً من قصور الترف ومسارح الاستعراض ومنابر الأوهام ، سنجدها سريعة الاُفول والاضمحلال ، آنيّة الظهور مصيرها الزوال .. بخلاف الفكرة التي تلد من رحم الواقع ، من ذات الهويّة ، من عمق الألم والمعاناة ، ألم الحاجة ومعاناة الافتقار ، أيّاً كانت الحاجة والمعاناة : معرفية أم ما سواها من الحاجات والمعاناة الإنسانية ، فإنّها تشقّ طريقها في فضاءاتها وآفاقها كضياء الشمعة الذي لو اجتمع ظلام العالم كلّه على إطفائه لما استطاع ..
نعم ، إنّها الضرورة ، ضرورة الألم والمعاناة ، فلولاهما لما ألق العقل وسمق الفكر ولا حفرنا بحثاً عن جواب السؤال الكبير ولارمنا عثوراً على الحلول القمينة والوسائط الأمينة التي تبحر بنا صوب مرافىء الفلاح وسواحل النجاح.
إنّ العقول مصانع الأفكار ، وحريم الأفكار وشعاعها مناطق العلم