مسلك التدوين
العقل وكلّ الجوارح تمارس وظائفها المعتادة ، هذه الممارسة تتباين من فرد إلى آخر تبعاً لنوع الملاحظة وكيفيّتها وزمانها ومكانها ، وكذلك تبعاً لنوع التلقّي والقراءة والاستيعاب والتحليل وتركيب الآثار واللوازم.
وفي زحمة الحياة واضطراب الأفكار والإرهاق الدائم لابدّ للملاحظة من التدوين ، مهما كانت تلك الملاحظة تافهة وصغيرة وبسيطة ، ومهما كان موضوعها وظرفها عاديّاً ، ستجتمع لدينا ـ رويداً رويدا ـ العشرات بل المئات والآلاف من الملاحظات ، فعامل التسجيل هامٌّ كمرحلة اُولى ، وفي المرحلة الثانية يعاد اصطفاف الملاحظات موضوعيّاً وزمانيّاً ومكانيّاً ، يضاف لها ما يمكن إضافته ، ويحذف ما يمكن حذفه ، ثم تهذّب وتصحّح وتنقّح وتراجع ، حينها تظهر ملامح الفكرة المتكاملة بشكلها الأولي.
وبجهد آخر مماثل يضاف إليه عناصر : المقارنة والموازنة والمساءلة والمسانخة والمخالفة ، نتّجه حينها إلى تأسيس مشروع علمي معرفي فكري قابل للطرح والعرض.