هذا مختصر خارطة طريق مصانع الفكر البشرية القائمة نوعاً على المحاسبات المحسوسة الملموسة ، فلا تخرج غالباً في قالبها ومحتواها وفرص تحقّقها عن التصوّرات المادّية ولا تتعدّى حدودها ...
بعبارة اُخرى : ليس بمقدورها أخذ التقديرات الإلهيّة والمشيئة الربّانيّة والإرادة الغيبيّة في جدول محاسباتها واحتمالاتها ; للقصور الذاتي والجهل التكويني ، فكثيراً ما صاغت السماء وأسّست رؤىً ومشاريع حياة وصروحَ معارف غيّرت مجرى التاريخ والبشريّة دون أيّ دور للإنسان في صنعها وتوليدها .. نعم ، إنّه كان ولا زال أداة إيصالها ووسيلة إبلاغها ، بدءاً بالرسل والأنبياء ومروراً بالأوصياء والأولياء وانتهاءً بالعلماء وسائر الصالحين.
إنّنا نعتقد بكون الأفكار البشريّة إمّا متناغمة مع القيم والمبادئ الإلهيّة ، أو مختلفة معها ، ولا ثالث ، فالإجماع المركّب حاصل هنا بلا أدنى ترديد عندنا (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (١).
وعلى ضوء أنّ الدين الإسلامي هو ثالث الأديان السماويّة التوحيديّة زمانيّاً وخاتمها ومكمّلها ورائدها محتوائيّاً ، وعلى ضوء الأساس العقدي القائم على كون المذهب الإثني عشري هو الإسلام الحق السليم ، فإنّ نظامنا التشريعي ومؤسّستنا الدينيّة وثقافتنا المعرفيّة مستندةٌ إلى القوانين الربّانيّة نصّاً واستنباطاً وتجسيداً ، طبق الأدلّة والاُصول
__________________
١. سورة الإنسان : ٣.